أبو شهاب
عدد المساهمات : 393 تاريخ التسجيل : 28/08/2009
| موضوع: أدب العلاقات بين المسلمين الثلاثاء مايو 19, 2015 8:19 am | |
| قال الله تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) فالأخوة ثابتة بين المؤمنين بمجرد الإيمان، وحقوق الأخوة على نوعين: 1ـ حقوق عامة للأخوة وهي ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله "حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه" رواه مسلم.
2ـ حقوق خاصة للأخوة الخاصة التي ينشؤها الأفراد فيما بينهم لتساعد على تمتين أواصر الأخوة العامة ولتكون عاملاً مساعداً في الوصول إلى الكمالات في المجتمع الإسلامي، وهذا النوع من الأخوة كاد أن يطوي بساطه على أهميته وبقدر ما يوجد الإخاء الخاص ويتعمق يستشعر الإنسان نعمة الدعوة إلى الله ونعمة الانخراط في الصف الإسلامي كما أنه بقدر ما يتعمق هذا الإخاء الخاص ليشمل صفاً عريضاً في الأمة الإسلامية يكون النهوض وتحقيق الأهداف والأخذ بيد الأمة الإسلامية، ولذلك فإن من أوجب الواجبات التأكيد على آداب الأخوة الخاصة خشية أن تصبح العلاقة بين أبناء الإسلام علاقات رسمية باردة جافة.
إن الألفة ثمرة حسن الخلق والتفرق ثمرة سوء الخلق فحسن الخلق يوجب التحاب والتآلف والتوافق وسوء الخلق يثمر التباغض والتحاسد والتدابر، وحسن الخلق لا تخفى في الدين فضيلته وهو الذي مدح الله به نبيه فقال (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي والحاكم وقال صحيح الإسناد: "أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق"، وروى أحمد والبيهقي والحاكم وصححه أن النبي قال: "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وروى أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح "أثقل ما يوضع في الميزان خلق حسن".
وأما ثمرة حسن الخلق وهي الألفة ـ كما أسلفنا ـ فقد ورد فيه آيات وأخبار وآثار كثيرة جداً منها قوله تعالى (لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) وقال (فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) أي بالألفة وقد ذم الله التفرق فقال (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ.......) وروى أحمد والطبراني والحاكم وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المؤمن إلف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف".
وأما الأخبار فمنها:
ـ أن أبا إدريس الخولاني قال لمعاذ: إني أحبك في الله فقال له: أبشر ثم أبشر فإني سمعت رسول الله يقول: ينصب لطائفة من الناس كراسي حول العرش يوم القيامة وجوههم كالقمر ليلة البدر يفزع الناس وهم لا يفزعون ويخاف الناس وهم لا يخافون وهم أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فقيل من هم هؤلاء يا رسول الله؟ فقال: هم المتحابون في الله تعالى" قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وقال الرمذي: حديث حسن صحيح.
ـ وفي رواية لأبي هريرة: "إن حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور ووجوهم نور ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء فقالوا يا رسول الله صفهم لنا فقال: هم المتحابون في الله والمتجالسون في الله والمتزاورون في الله". ـ وأخرج ابن حيان والحاكم من حديث أنس قال صلى الله عليه وسلم: "ما تحاب إثنان في الله إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حباً لصاحبه"
ويقال: إن الأخوين في الله إذا كان أحدهما أعلى مقاماً من الآخر رفع الآخر معه إلى مقامه وأنه يلتحق به كما تلتحق الذرية بالأبوين.
ـ وأخرج أحمد والحاكم وصححه قال رسول الله: "إن الله تعالى يقول: حقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي وحقت محبتي للذي يتحابون من أجلي وحقت محبتي للذين يتباذلون من أجلي وحقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي".
ـ وأخرج مسلم قال رسول الله: "إن الله تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي لا ظل إلا ظلي". ـ وفي الصحيحين أن رسول الله قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ـ ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ـ".
ـ واخرج مسلم أن رسول الله قال: " إن رجلاً زار أخاً له في الله فأرصد الله له ملكاً فقال: أين تريد؟ قال أريد أن أزور أخي فلاناً فقال: لحاجة لك عنده؟ قال: لا، قال: لقرابة بينك وبينه؟ قال: لا قال: لمنفعة له عندك؟ قال: قال فيم؟ قال أحبه في الله، قال: فإن الله أرسلني إليك يخبرك بأنه يحبك لحبك إياه وقد أوصى لك الجنة". ـ وروى العمر أن الرسول قال: "أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله".
وأما الآثار فكثيرة منها:
ـ قال علي: عليكم بالإخوان فإنهم عدة في الدنيا والآخرة ألا تسمع إلى قول أهل النار (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ). ـ وقال ابن عمر: والله لو صمت النهار لا أفطره وقمت الليل لا أنامه وأنفقت مالي غلقاً غلقاً في سبيل الله أموت يوم أموت وليس في قلبي حب لأهل طاعة الله وبغض لأهل معصية الله ما نفعني ذلك شيئاً. ـ وقال ابن السماك عند موته: اللهم إنك تعلم أني إذا كنت أعصيك كنت أحب من يطيعك فاجعل ذلك قربة لي إليك. ولكي يكون المستمع على فهم صحيح من هذه الحقيقة الهامة لا بد لنا أن نذكر ما كان يقوله الحسن البصري. ـ يا ابن آدم لا يغرنك قول من يقول "المرء مع من أحب" فإن لن تلحق الأبرار إلا بأعمالهم فإن اليهود والنصارى يحبون أنبياءهم وليسوا معهم. (وهذه إشارة إلى أن مجرد ذلك من غير موافقة في بعض الأعمال أوكلها لا ينفع. ـ وقال الفضيل هاه! تريد أن تسكن الفردوس وتجاور الرحمن في داره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ؟ بأي عمل عملته؟ بأي شهوة تركتها؟ بأي غيظ كظمته؟ بأي رحم قاطع وصلتها؟ بأي زلة لأخيك غفرتها؟ بأي قريب باعدته في الله؟ بأي بعيد قاربته في الله؟
حقوق الأخوة "الثمانية"
1ـ حق في المال، 2ـ والنفس، 3ـ وفي اللسان، 4ـ والقلب، 5ـ بالعفو، 6ـ والدعاء، 7ـ وبالإخلاص والوفاء، 8ـ وبالتخفيف وترك التكلف والتكليف.
الأول: في المال
والمواساة بالمال على ثلاث مرات:
ـ أدناها: أن تنزله منزلة عبدك أو خادمك فتقوم بحاجته من فضلة مالك فإن احتاج وعندك فضلة مال أعطيته ابتداء ولم تحوجه إلى سؤال فإن أحوجته إليه فهو غاية التقصير في حق الأخوة.
الثانية: أن تنزله منزلة نفسك وترضى بمشاركته إياك في مالك قال الحسن: كان أحدهم يشق إزاره بينه وبين أخيه.
الثالثة: وهي العليا: أن تؤثره على نفسك وتقدم حاجته على حاجتك وهذه رتبة الصديقين ومنتهى درجات المتحابين. فإن لم تصادف نفسك في رتبة من هذه الرتب مع أخيك فاعلم أن عقد الأخو ة لم ينعقد بعد في الباطن وإنما الجاري بينكما مخالطة رسمية لا وقع لها في العقل والدين وقد قال ميمون بن مهران. من رضي من الإخوان بترك الأفضال فليؤاخ أهل القبور.
ـ من أحوال السلف في ذلك: قال الله فيهم (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) أي: كانوا خلطاء في الأموال لا يميز بعضهم رحله عن بعض، وكان منهم من لا يصحب من قال: نعلي لأنه أضافه على نفسه.
ـ وجاء رجل إلى أبي هريرة وقال: إني أريد أن أواخيك في الله فقال: أتدري ما حق الإخاء؟ قال: عرفني، قال: ألا تكون أحق بدينارك ودرهمك مني، قال: لم أبلغ هذه المنزلة بعد؟ قال: فاذهب عني.
وقال أبو سليمان الداراني: لو أن الدنيا كلها لي فجعلتها في فم أخ من إخواني لاستقللتها له. وكان علي يقول: لأن أصنع صاعاً من طعام وأجمع عليه إخواني في الله أحب إلي من أن أعتق رقبة.
الثاني: في الإعانة بالنفس في قضاء الحاجات
وهذه أيضاً لها درجات:
فأدناها: القيام بالحاجة عند السؤال والقدرة ولكن مع البشاشة والاستبشار وإظهار الفرح وقبول المنة وقضى ابن شبرمة حاجة لبعض إخوانه كبيرة فجاء بهدية وقال: ما هذا؟ قال: لما أسديته إليّ؟ فقال: خذ مالك عافاك الله إذا سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضائها فتوضأ للصلاة وكبر عليه أربع تكبيرات وعده في الموتى، وكان في السلف من يتفقد عيال أخيه وأولاده بعد موته أربعين سنة يقوم بحاجتهم ويتردد كل يوم إليهم ويمونهم من ماله فكانوا لا يفقدون من أبيهم الاعنيه بل كانوا يرون منه ما لم يروا من أبيهم في حياته وكان الواحد منهم يتردد إلى باب دار أخيه ويسأل ويقول: هل لكم زيت هل لكم ملح هل لكم حاجة؟ وكان يقوم بها حيث لا يعرفه أخوه.
ـ وكان الحسن يقول: إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة.
ـ وقال عطاء: تفقدوا إخوانكم بعد ثلاث فإن كانوا مرضى فعودوهم أو مشاغيل فأعينوهم أو كانوا نسوا فذكروهم. | |
|
nina jomana
عدد المساهمات : 472 تاريخ التسجيل : 03/12/2014
| موضوع: رد: أدب العلاقات بين المسلمين الثلاثاء مايو 19, 2015 8:48 pm | |
| | |
|