آيات الحجاب ثلاثة: واحدة في سورة الأحزاب وهي أسبق نزولا، واثنتان في سورة النور. وكتمهيد لفهم الظروف الاجتماعية التي نزلت فيها هذه الآيات، نقول:
كان عمران القرى في كثير من المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية التي تمتد من الخليج شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا –وضمن ذلك مكة والمدينة (يثرب قبل الإسلام)- يتميز بطرق يسقف بعض أجزائها. وفي الأجزاء المسقوفة، ويسمى الواحد منها سقيفة، جرت عادة سكان هذه القرى أن يجلس الرجال في مجالس على جانبي الطريق للاستراحة والاستظلال من القيظ وتبادل الأخبار وما أشبه. وكانت المرأة لا تغادر منزلها إلا لقضاء حاجة ضرورية. وإذا هي مرت في مثل هذه الطرق اتجهت إليها الأبصار، وربما تعرضت للغمز واللمز في مجالس الشباب. ولما كانت المنازل في هذا النوع من العمران لا تشتمل على مراحيض، فإن النساء كن يخرجن لقضا الحاجة في الخلاء، وكن يصطحبن معهن إماءهن كمرافقات في الطريق. ويقول المفسرون إن بعض نساء النبي والصحابة قد تعرضن لمثل هذه التحرشات، فشكون ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك سبب نزول قوله تعالى: "يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَ...............ا" (الأحزاب 59).
وقد نزلت آيات الحجاب في أمنا سودة بنت زمعة زوجة الرسول صلى الله عليه و سلم
الإمام البخاري وسبب نزول آية الحجاب
- حَدَّثَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:
"خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا وَكَانَتْ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ قَالَتْ فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا قَالَتْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ."