إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، أرسله بين يدي السّاعة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا. فهدى بنوره من الضّلالة، وبصّر به من العمى، وأرشد به من الغيّ، وفتح به أعينًا عميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا.
وبعد: فلقد أردت – أخي المكرم الذي أكرمك الله وحباك وشرح صدرك للحج وهداك- أن أجتمع بك قبيل سفرك إلى أرض الله المقدّسة، لأضع بين يديك باقة من الهدايا الأخوية، التي ستجدها أنيسا لك في سفرك وعونا لك على طاعة ربك وحسن أداء مناسكك، ثم الرجوع من حجك كيوم ولدتك أمك...فهذه أكثر من ثلاثين هدية تنفعك ولا تضرك، فخذها بقوة وأمر رفقاءك يأخذوا بأحسنها..وفقك الله ورعاك وجعل الجنة متقلّبك ومثواك..
1- لا تنسَ الاستخارة قبل السفر.
2- عجّل بكتابة وصيتك، إن كنت قد غفلت عنها في سالف أيامك.
3- اجتهد في تعلم المناسك، وخذ معك من كتب العلماء الموثوقين ما يعينك على ذلك، ولا تستح بعد ذلك من سؤال أهل الذكر عما خفي عليك.
4- بادر بالتوبة النصوح ورد الحقوق إلى أهلها والمظالم لأصحابها.
5- لا تدع أهلك عالة يتكففون الناس، بل وسع عليهم في النفقة بالمعروف.
6- خذ من المال ما يكفيك لسفرك هذا، واحذر التقتيـر والإمساك والبخل، كما تحذر الإسراف والتبذير.
7- استصحب ما يصلحك من مشط ومرآة ومقص ونظارات وساعة ومنبّه وسواك وأدوية ونحوها..
8- ودّع أقاربك وجيرانك ومعارفك قبل السفر، واستسمحهم، وتحلّل من كلّ من تظنّ أنه واجد عليك، والتمس الدعاء من صالحي هؤلاء.
9 -التمس الرفيق قبل الطريق، وعليك بمرافقة أهل الصلاح الذين تشدّ بهم أزرك وتستشيرهم في أمرك..، وإن كنتم جماعة فحبّذا لو أمّرتم أكثركم علما وأحسنكم خلقا وأرفقكم بالأصحاب..
10 -إنما سمي السفر سفرا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، فلا تظهر من أخلاقك إلا ما تحبّ أن تمدح به، واجعل حجك فرصة للتغيير.
11 -ستنـزل ببقاع مباركة، فاعلم أنّ الوزر فيها مضاعف كمضاعفة الثواب.
12 -استثمر وقتك فيما ينفعك ولا تضيّع أيامك المعدودات في القيل والقال، والاستئناس بمقالات الرجال، والاشتغال بالتوسع في المطعم والمشرب، والسمر مع الحجاج، وزيارة المعارف والاجتماع بالأحباب، والتجول في الأسواق...
13- احرص على قراءة الأدعية المأثورة منذ أول خطوة تخطوها إلى أن ترجع إلى أهلك.
14- كن مستعدا على إظهار أخلاق المسلمين للناس أجمعين، واصبر على كلّ ما ينتابك في طريقك ذهابا وإيابا، متذكرا دائما قوله –صلى الله عليه وسلم-"الحج جهاد لا قتال فيه".
15 -كن مهتما بتطهير قلبك من كلّ دخن، وكن حذرا متيقظا بصفة خاصة من النية الفاسدة التي تحول دون قبول هذا العمل العظيم.
16 -أكثر من عبادتي الطواف وقراءة القرآن، فإنهما محبوبتان إلى الرحيم الرحمن.
17 -لا تقصّر في الدعاء لنفسك وأهلك وأقربائك وجيرانك وأهل بلدتك وإخوانك المسلمين المستضعفين في كل مكان من أرض الله الواسعة، خاصة في يوم عرفة.
18-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبادتان جليلتان، وقليل من يوفق للاهتمام بهما، فلا تكن عنهما من المعرضين.
19- ابتعد عن مواجهة التكييف والتبريد المفاجئ.
20- استعمل الشمسية أو نحوها مما يقيك حرّ الشمس واحذر ضربة الشمس المهلكة.
21- لا تغسل رأسك مباشرة بعد التعرض لحرارة الشمس.
22- استعمال ما يقي الأنف والفم من سرعة تسرب الهواء الملوث أمر مرغوب فيه.
23- الاهتمام بالنظافة دليل على نباهتك، فاغسل يديك باستمرار واغسل الخضار والفواكه والأواني غسلا جيّدا، واعتنِ بنظافة أماكن طعامك ونومك وجلوسك..
24- تجنب تناول الأطعمة غير الصحية، أو التي لم تطبخ جيدا، ولا تفكر أبدا في شراء الطعام المعرّض للتلوث.
25- لا تكثر من الأكل والشرب قبيل يوم عرفة وبعده، لصعوبة الوصول إلى المراحيض، مما يكلفك جهدا كبيرا، ويفوّت عليك أوقاتا ثمينة.
26 -تجنب داء السماط (التهرية) الناتج عن التعرّق الشديد واحتكاك الفخذين ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وذلك بالتقليل من المشي في أوقات الحرّ، وتنظيف الجسم وإزالة العرق باستمرار، وغسل تلك الأعضاء بالماء البارد، واستعمال "البودرة" والمراهم النافعة.
27 -لا تتردّد في استشارة الطبيب أو زيارة المراكز الصحية المجاورة كلما أحسست بأعراض الإرهاق أو المرض.
28- لا تنس التطعيم، واصحب دفتره معك لزاما.
29- حاول وضع علامات مميّزة تمكّنك من معرفة مكان إقامتك بسهولة، وخروجك مع بعض الرفقاء يساعدك على تقليل احتمالات التيه والضياع..
30 -احفظ وثائقك وأموالك عندك، ولا تتهاون في حفظها، واحذر أن تتركها في الحقيبة، فإنّ الثقة العمياء كثيرا ما كانت سببا في البؤس والشقاء.
31 -للحج أسرار عظيمة فلا تكن عنها من الغافلين: فليذكّرك إحرامك وتلبيتك وأدعيتك والمناسك كلها بعظمة التوحيد وجلالة أمر الاستجابة للحميد المجيد، فإنك لا تجد أحدا يقول: لبيك يا سيدي فلان..بل الألسنة مذعنة للتلبية الشرعية: لبيك اللهم لبيك...وليذكّرك لباس الإحرام بكفنك يوم موتك، وليذكّرك البيت العتيق بتاريخ مجيد رائده أنبياء الله ورسله –عليه السلام-، وليذكّرك زحام الحجاج -وخاصة يوم عرفة- بالبعث والنشور والوقوف في ساحة الحساب بين يدي الرحيم الغفور، وليذكّرك النفير من المزدلفة بالنفخة الثانية في الصور يوم يخرج الناس من قبورهم كأنهم إلى نصب يوفضون،...الخ.
32- أمسك عليك لسانك وابك على خطيئتك..
33- قال الحسن البصري –رحمه الله-:" الحج المبرور أن تعود من حجك زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة"..
أسأل ربي -جل وعلا- لي ولك حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا وتجارة لن تبور..والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات..